لقد نشأت المدن نتيجة الرغبة في التعايش كمجموعات بالنسبة للأفراد ،ولتحقيق الاستقرار الذي كان يحاول الإنسان القديم جاهدا الحصول عليه، فمن الريف والصحراء والغابات ، بدأ ينتقل تدريجيا للوصول إلى مفهوم جديد للتعايش، يضمن استقراره، ويحقق له في نفس الوقت الحماية من كل المؤثرات الخارجية ، فكان تخطيط المدن القديمة ينطلق من نوعين :التخطيط الدائري والتخطيط ذو المحاور المتعامدة أنظر الشكل-1-.ولقد وجهت الدراسة دائما الباحثين للسؤال:متى وأين وتحت أي ظروف ظهرت هذه المدينة وماذا أسهمت به في تاريخ المنطقة أو العصر؟وهل هناك نمو تطوري أو دوري في التاريخ الإنساني مرتبط بظهور المدن أو نموها ؟ إن قيام المدن ونموها مسألة يصعب أن نتتبعها بدرجة ملحوظة لأسباب عديدة، ومما لاشك فيه أن المدن انبثقت تعبيرا عن ظروف روحية ومادية واجتماعية وسياسية ، وانعكست هذه الصور على تغير المدن ونمو العمارة ، وأكد بارنز:"أن العمارة هي سجل لعقائد المجتمع"، ويقصد بنشأة المدن:"هي مرحلة المدينة في فجر قيامها"، وتتميز بانضمام بعض القرى لبعضها البعض، واستقرار الحياة الاجتماعية إلى حد ما ،وقد قامت المدينة في هذه المرحلة بعد اكتشاف الزراعة وقيام الصناعات اليدوية.
وتعتبر جغرافية المدن حقلا علميا يهتم بدراسة تطور المدن و توسعها و علاقتها بالإنسان , تعتمد بعض الدول من العنصر السكاني مقياسا خاصا لتعريف المدينة عن البادية و يختلف هذا العنصر من بلد لآخر , إذ نجد في الدول الأسكندنافية أن أي تجمع سكاني مابين 200 و 250 نسمة يعتبر مدينة , أما في مصر فيجب أن يفوق هذا التجمع السكان 11000 نسمة كي يعتبر مدينة .
و قد اعتمد العنصر الوظيفي للمدينة لتفسير الأساس الإقتصادي للمدينة , وإن النشاط الوظيفي للمدينة هو الذي يجعلها قطبا اقتصاديا يجلب الإستثمارات , وتختلف وظائف المدن من وظيفة سياسية و إدارية , عسكرية , ثقافية , صناعية , واقتصادية ......
و تتعدد أيضا أشكال نمو المدينة حسب العوامل الجغرافية و الإقتصادية و السياسية , إذ تساهم هذه العناصر في تنوع أنماط نمو المجالات الحضرية , و يتم تخطيط توسع المدينة حسب حاجياتها في السكن و المرافق الإجتماعية و الثقافية والبنيات الأساسية و النقل و المواصلات .